رثاء عمر المختار
|
|
رَكَزوا رُفاتَكَ في الرِمالِ لِواءَ |
يا وَيحَهُم نَصَبوا مَناراً مِن دَمٍ |
ما ضَرَّ لَو جَعَلوا العَلاقَةَ في غَدٍ |
جُرحٌ يَصيحُ عَلى المَدى وَضَحِيَّةٌ |
يا أَيُّها السَيفُ المُجَرَّدُ بِالفَلا |
تِلكَ الصَحاري غِمدُ كُلِّ مُهَنَّدٍ |
وَقُبورُ مَوتى مِن شَبابِ أُمَيَّةٍ |
لَو لاذَ بِالجَوزاءِ مِنهُم مَعقِلٌ |
فَتَحوا الشَمالَ سُهولَهُ وَجِبالَهُ |
وَبَنَوا حَضارَتَهُم فَطاوَلَ رُكنُها |
خُيِّرتَ فَاِختَرتَ المَبيتَ عَلى الطَوى |
إِنَّ البُطولَةَ أَن تَموتَ مِن الظَما |
إِفريقيا مَهدُ الأُسودِ وَلَحدُها |
وَالمُسلِمونَ عَلى اِختِلافِ دِيارِهِم |
وَالجاهِلِيَّةُ مِن وَراءِ قُبورِهِم |
في ذِمَّةِ اللَهِ الكَريمِ وَحِفظِهِ |
لَم تُبقِ مِنهُ رَحى الوَقائِعِ أَعظُماً |
كَرُفاتِ نَسرٍ أَو بَقِيَّةِ ضَيغَمٍ |
بَطَلُ البَداوَةِ لَم يَكُن يَغزو عَلى |
لَكِن أَخو خَيلٍ حَمى صَهَواتِها |
لَبّى قَضاءَ الأَرضِ أَمسِ بِمُهجَةٍ |
وافاهُ مَرفوعَ الجَبينِ كَأَنَّهُ |
شَيخٌ تَمالَكَ سِنَّهُ لَم يَنفَجِر |
وَأَخو أُمورٍ عاشَ في سَرّائِها |
الأُسدُ تَزأَرُ في الحَديدِ وَلَن تَرى |
وَأَتى الأَسيرُ يَجُرُّ ثِقلَ حَديدِهِ |
عَضَّت بِساقَيهِ القُيودُ فَلَم يَنُؤ |
تِسعونَ لَو رَكِبَت مَناكِبَ شاهِقٍ |
خَفِيَت عَنِ القاضي وَفاتَ نَصيبُها |
وَالسُنُّ تَعصِفُ كُلَّ قَلبِ مُهَذَّبٍ |
دَفَعوا إِلى الجَلّادِ أَغلَبَ ماجِداً |
وَيُشاطِرُ الأَقرانَ ذُخرَ سِلاحِهِ |
وَتَخَيَّروا الحَبلَ المَهينَ مَنِيَّةً |
حَرَموا المَماتَ عَلى الصَوارِمِ وَالقَنا |
إِنّي رَأَيتُ يَدَ الحَضارَةِ أولِعَت |
شَرَعَت حُقوقَ الناسِ في أَوطانِهِم |
يا أَيُّها الشَعبُ القَريبُ أَسامِعٌ |
أَم أَلجَمَت فاكَ الخُطوبُ وَحَرَّمَت |
ذَهَبَ الزَعيمُ وَأَنتَ باقٍ خالِدٌ |
وَأَرِح شُيوخَكَ مِن تَكاليفِ الوَغى |